جورج فلويد ومحمد البوعزيزي ، شرارتان لثورة همجية و اخرى حضارية .
من هي دول العنصرية و الميز ؟ هي الدول
العربية
نعم ، تلك هي الاجوبة المتوقعة لتلك
الأسئلة ، لقد دجَّننا الاعلام الغربي ثم العربي على فكرة وحيدة هي أن الخير كله
يوجد هناك بين الشعوب الغربية ، و أن الهمجية
توجد بين أبناء العرب .
خلال ثورة تونس السلمية بعد موت محمد
البوعزيزي ( ونفس الامر بالنسبة لثورة مصرو احتجاجات حركة 20 فبراير بالمغرب)
،خرج الشعب التونسي الى الشوارع يحتج على انعدام الديمقراطية الحقيقية ، مطالبا
بالعدالة الاجتماعية و تكافؤ الفرص . خرج التونسيون في حركات سلمية رافعين أعلاما
و لافتات و مكبرات صوت لا غير ، وبطبيعة الحال وكما العادة لابد من تدخل الامن
التابع لبن علي لأجل تفريق ما يمكن تفريقه و قتل أي مَظاهر للاحتجاجات و هي لازالت
في مهدها ، هذا التدخل العنيف من طرف واحد
( الامن ) أدى الى سقوط مئات القتلى في صفوف المواطنين التونسيين وكان عددهم 219 شخصا ( قتلى احتجاجت مصر 847 بمصر بينما صفر وفاة بالمغرب ) ، ورغم هذا العدد الكبير في
الضحايا أبى هذا الشعب العظيم إلا أن ينتهج سياسة أللاتخريب وعدم الرد بالمثل على عناصر الشرطة ، بل استمر في
سلمية مطالبه ، الى أن تحققت أغلبها ومنها تنحي الرئيس زين العابدين بن علي .
خلال ثورة تونس المجيدة خرج الشعب ولم يحطم
محلات تجارية ليسرق مافيها ، لم يأخذ
ماليس له ، لم يعتدي على شرطة بالضرب و تخريب سياراتهم رغم قمعهم له ، لم نر في
الاعلام شعبا هائجا يتناحر على الة قيثارة أو قارورة عطر ، لم نسمع أن العشرات من
مراكز الشرطة تم إحراقها انتقاما من هذه الشرطة ، كل ما رأيناه شعب خرج يقول سلمية
سلمية فوُجه بإرهاب الشرطة حتى انتصر في الاخير.
ومع ذلك فلازال هذا الشعب التونسي العظيم
يصنف ضمن الشعوب قليلة التحضر .
في أمريكا بلد الحداثة و الانسان العقلاني
الذي يحب بلده و يحافظ عليه- ولا يتجرأ حتى على رمي كيس حلوة في الشارع لأن له
ضميرا حيا يمنعه من تلويث بلاده ( هذا على الاقل ما أُجبرنا على فهمه ومعرفته عن
هؤلاء الناس ) – حدثت مؤخرا موجة احتجاجات تعد من بين اعنف الاحتجاجات منذ سنة
1992 ، بعد ان شاهدت الأمة الامريكية و معها العالم كيف قتل شرطي بدم بارد أمريكيا
أسودا يدعى جورج فلوريد ، خلال هذه المظاهرات خرج الشعب الامريكي أسوده و أبيضه
الى الشارع للاحتجاج على هذا القتل ، لكن مع توالي الايام تحولت الاحتجاجات الى
تخريب عنيف ، حتى بدى معها الشعب الامريكي كله مجرد " لص " استغل فرصة
ليسرق كل ما يجده أمامه ، وحتى اضطر ملاك المحلات التجارية لاستئجار عصابات مدججة
بالسلاح لحماية محلاتها من السرقة - وبحسب
التقارير فإن خسائر هذه الموجة الغاضبة يقدر بالملايير من الدولارات التي ستكلف
خزائن وكالات التأمين كثيرا - ، الامر الذي لم نراه قد حدث في الدول التي عُرف
عنها أنها غير ديمقراطية وأن شعبها غير متحضر . وهذا رغم أن الشرطة في بلاد العام
سام لم تقتل أحدا ( بعد جورج فلويد ) كما فعلت شرطة تونس مع التونسيين .
عجيب هذا الامر ، أمريكي متحضر يخرب بلده
لأجل إعمار منزله ، وعربي ( غير متحضر ) يرفض رمي سرقة محل وهو الاكثر احتياجا .
هذا الامر عزيزي القارئ يجعلك تغير أفكارك
عن مفهوم الديمقراطية الغربية ( التي لازال فيها الرجل الابيض يحق له قتل رجل اسود
بدم بارد ) وعن فكرة الضمير الحي للإنسان الغربي ، فأين هو هذا الضمير الحي لدى من
يحطم زجاج محل لأجل سرقة قيثارة أو قارورة بيرة ؟ .
نرى أمريكيا يحترم إشارة المرور رغم ان
الطريق فارغة فنقول ضميره حي ، نرى أمريكيا يأخذ كيس حلوة و يحمله في يديه حتى
يرميه في صندوق قمامة فنقول ضميره حي ، نرى مواطنا أمريكيا يدخل محلا فيجد أمامه
فرصة ليأخذ ما يشاء دون علم أي أحد فنقول ضميره حي ، و الحقيقة أن كل ما يمنع هذا
الامريكي من خرق إشارات المرور و من رمي الكيس في الشارع و من مد اليد هو العقوبات
الحبسية و الغرامات المالية الشديدة التي لا ترحم جيوب المخطئين .
وها نحن ذا رأينا أنه لما أصبح "
القانون "شبه مكبل و سلطة " الشرطة " أصبحت لاشيء خرج الوحش الذي
كان يسكن شخصية الانسان الامريكي خاصة و الانسان الغربي عامة .
يجق لنا أن نرفع قبعة تبجيل و احترام للشعوب العربية
التي تظاهرت و احتجت بسلم و أمان ، و نحيي فيها ضميرها الحي وخوفها على بلادها و على مصالح مواطنيه
ليست هناك تعليقات