العقاب البديل
يقول " إذ ديسي " أستاذ بجامعة روكستر بولاية نيويورك : العقاب يؤدي إلى السيطرة على تصرفات الطفل لكنه لا يساعد على اختيار التصرف الجيد ، إنه يحل المشكلة مؤقتا لكنه لا يؤدي إلى نتائج حسنة على المدى البعيد .
يرى العديد من الاباء و الامهات أن العقاب البدني المتخذ اتجاه أبنائهم غالبا ما يزيد في حدة التصرفات العدوانية لأبناءهم ، و هذا أمر طبيعي لأن العقاب البدني تأثيره محدود في الزمن ونتائجه كذلك .
في مجال التربية بدأ الحديث عن العقاب العقلاني البديل ، عقاب ذكي يعتمد حسن التصرف كوسيلة لتصحيح الأخطاء .
هي أربع قصص لأربعة نماذج فريدة في التربية ، نتمنا أن تولد لذا القاريء و المهتم أفكار و أساليب عقابية غير الضرب و الشتم و التعصب .
القصة الاولى : الهدية
في بداية الموسم الدراسي أهدى الأب لابنه
جهاز محمول ، بعد أن رأى الفرحة على وجهه
قدم له عرضا مغريا بشروط ، أنه إذا تراجع مستواه الدراسي فسيأخذ منه جهاز المحمول عقابا له ، أما إذا ارتفع مستواه الدراسي فجزاءه جهاز
محمول أكثر تطورا و أكثر ارتفاعا في الثمن ، وكما كان متوقعا ، في نهاية الموسم التزم الاب بوعده بعد أن أدى الابن ماعليه من مجهود .
الخلاصة : التحفيز الناجح يكون من خلال ما ارتبط بما يعشقه الطفل.
القصة الثانية : المصروف
توصل والي طالب باستدعاء من إدارة المدرسة ،
عندما اجتمع الأب بالمدير أخبره أن ابنه تصرف تصرفا غير لائق مع أحد أساتذته ، و
أن الامر كان ليتطور لولا تفهم الأستاذ للمرحلة النفسية التي يعيشها الابن ، اعتذر
الاب للمدير من تصرفه ثم غادر المدرسة .
عصرا رافقت الام ابنها الى محل تجاري ثم طلبت منه أن
يختار هدية تليق بوالده ليهدوها له ، بعد جولة اختار الابن هدية جميلة ،
في جلسة المساء طلبت الأم من الابن أن يحضر الهدية لوالده ، حين رآها الاب فرح بها
كثيرا و كانت الفرحة الأكبر هي تلك البادية على وجه الابن .
في اليوم التالي ، رافق الاب ابنه الى
المدرسة ( وهو حدث لم يكن معهودا من الاب
، الشيء الذي استغرب منه الابن ) ، دخلا إلى مكتب المدير و طالب الأب مقابلة
الأستاذ الذي تعرض لسوء التصرف من الابن ، لما وصل الأستاذ أهداه الاب الهدية و
أخبره أن ابنه تأسف كثيرا لتصرفه معه البارحة و أنه أصر على الاعتذار عبر شراء هدية خاصة له بما وفره من
مصروف لمدة أشهر ، تقبل الأستاذ اعتذار الاب و ابنه ، و كانت الصدمة الأكبر هي
صدمة الابن من تصرف أبيه ، وخاصة بعد أن علم أن الهدية اشتريت من ماله الخاص ( مال
الابن ) وأن ما حدث كان بالاتفاق بين الاب و الأم .
الخلاصة : أحيانا ينبغي على المخطئ أن يدفع ثمنا غاليا ولا مجال للتهاون .
القصة الثالثة : الحظيرة
وصلت للأب معلومات مؤسفة عن ابنه ، فقد علم انه يهرب من مدرسته باستمرار بل أنه بدأ
في تعاطي التدخين ، لم يصرخ الاب في وجه ابنه ، بل لم يحسسه أنه علم بأمره ، في
الصباح الباكر أيقظ الاب ابنه لكي يرافقه في مهمة ، اعتذر الابن كونه لديه حصص
مدرسية هذا الصباح ، لم يتقبل الاب العذر
بل أخبره أن انقطاعه عن المدرسة ليس بالأمر الكبير ، فالعديد من الناس تفعل ذلك ،
لم يجد الابن بدا من الانصياع لأبيه ، استقلا الاثنان السيرة و اتجها نحو مزرعة
العائلة ، هناك سلم الأب لابنه حداء مطاطيا و رفشا ( مجرفة ) و طلب منه جمع روث
الابقار لأجل نقلها لمكان أخر ، أراد الابن أن يعترض على هذا العمل ، لكن الأب لم
يمهله و لم يعطيه فرصة ، بعد ساعتين من العمل أراد الابن أن يستريح لكن الأب طالبه
بالإسراع لكون مهام أخرى تنتظره و عليه إتمامها قبل المساء ، انفجر الابن باكيا و
هو يستعطف والده لإعفائه من مثل هذه المهام ، خاصة أنه لم يعهدها ولم يألفها ، لم
يتنازل الأب عن صرامته بل أخبره أن قرر إخراجه من المدرسة لكي يساعده في عمله ، ازداد
استعطاف الابن لأبيه بعد أن تأكد من مغزى و هدف والده ، و أنه كان على علم بكل ما
يفعله ، بعد ان اقتنع الأب بندم ابنه أعاده لبيته بعد أن تلقى درسا لن ينساه في
كون أن ما ينتظره خارج المدرسة أقسى من المدرسة التي يعتقد أنها الشر و الملل
وضياع الوقت .
الخلاصة : من لم يحس ببعض الالم لا يمكنه أن يعرف حقيقة خطئه .
القصة الرابعة : الخصام الصامت
انتظر الأب عودة ابنه من المدرسة رفقة نتيجته
للدورة الأولى ، فتح الابن الباب و دخل الى المنزل و ملامح الحزن و الأسى بادية
على وجهه ، سريعا أدرك الأب ما تخفيه ملامح ابنه ، لم يخاصمه أو ينهره بل قلب وجهه
و اتجه الى بيته ، قلَّت مظاهر الفرح و النشاط و السرور لدى الأب و خاصة بحضور
الابن ، ادرك الابن أن تقلب حال والده هو تعبير عن عدم رضاه بنتيجته الدراسية ، بعد
مدة دخل الابن غرفة أبيه معتذر عن نتيجته
ومواعدا إياه بتحسين مستواه في الدورات القادمة .
ليست هناك تعليقات