العقوبات البديلة
جاء هذا المقال كورقة تدخلية حول ما يروج عن
خبر اعتقال معلمة ( بالجزائر ) ضربت
تلميذا فأحدثت لديه إعاقة دائمة على مستوى البصر .
قد لا نخطئ إن قلنا أن الموظف الوحيد الذي لن
يعذر لخطئه هو رجل التربية . في عالمنا العربي ( وفي أغلب الدول المتخلفة علميا و اجتماعيا
) يكون خطأ رجل التربية مادة دسمة و مشهية لمختلف المنابر الاعلامية ، و مصدر حديث
لرواد المقاهي .
جميع الناس تخطئ و تذنب ، و أغلبية الناس تجد
لهؤلاء الناس أعذارا و مبررات لتخفيف شدة الخطأ إلا رجل التربية فلن يعذره أحد و
لن يجد أحد أي مبرر لخطئه ، و يوم يسقط رجل التربية في الذنب تكثر سكاكن
اللائمين و المعاتبين و الحاقدين .
أول شيء يجب تدريسه لرجال و نساء التربية
المستقبليين في معاهد تكوينهم هو القانون الجنائي الخاص ببلدهم ، فللأسف نسبة
عظيمة من هؤلاء و إن كانوا على علم بالقانون التشريعي الذي ينظم عملهم و وظيفتهم
فهم يجهلون ما ينتظر خطأهم - في حق طلابهم
– من عقوبات جنائية مشددة ، هذه العقوبات التي لا يسمعون بها إلا
لما يقفون امام النيابة العامة و أمام القاضي .
نحن
هنا لسنا في معرض تبرير " عنف" المعلم اتجاه طلابه ، و لسنا من دعاة
استعمال " الضرب" لمواجهة خطأ الطالب ، بل نحن هنا لنقدم للمعلم و
للمعلمة بعض البدائل التربوية للعقاب التي من شأنها إبعاده عن أي تحملات قانونية
قد تعصف بحياته المهنية .
العقاب عن الخطأ أمر ضروري ولا مفر منه ،
فالعقاب التربوي خصوصا ليس وسيلة للانتقام
بل هو وسيلة لتعديل السلوك ، وثني المخطئ
عن التمادي في ارتكاب مزيدا من الأخطاء ، العقاب مهما اشتد الامه ( كألم الحرمان و
بعيدا عن الام الضرب و الجرح ....) هو
صورة مصغرة عن الالم الحقيقي الذي يمكن أن يحدث بسبب الخطأ نفسه ( فعقاب التلميذ
بحرمانه من مشاهدة التلفاز لمدد محددة هو أخف من الام إدمان الطفل على هذه المشاهدة لو
استمر عليها ).
في علم التربية صار الحديث عن العقاب التربوي المعقلن كبديل عن العقاب البدني ، ومن هذه البدائل التربوية نجد :
( نشير اولا أن هذه الاجراءات لا يمكن أن
تكون مجدية في غياب تفاعل و مشاركة الإدارة التربوية و باقي الاطر التربوية ، كما
ينصح بوضع ميثاق السلوك و العقاب في أول الموسم الدراسي وأن يوزع على أولياء
الطلاب حتى يكونوا على علم بالإجراءات المتخذة في حق من أخطأ من الطلاب ).
أولا : الإطفاء
عند طرح الاستاذ للسؤال ، يقوم اغلب الطلاب برفع
الاصبع و رفع الصوت معه مطالبين المعلم بالسماح لهم بالإجابة ، بل هناك من يقوم من
مكانه ، في هذه الحالة قد يتعصب بعض الاساتذة من هذا السلوك ، هنا على المدرس أن
يسمح بالإجابة للطالب الذي يقوم بالسلوك الجيد ( الجالس في مكانه و الرافع لأصبعه
بلا صراخ ) ، حينما يستمر الاستاذ في هذا الامر سيعدل باقي التلاميذ من سلوكهم
تلقائيا ولن يكون الاستاذ مضطرا لمزيد من الصراخ و التعصب.
ثانيا :الإقصاء
حرمان الطالب المعاقب من شيء يحب المشاركة فيه كنشاط رياضي أو خرجة
ترفيهية.
ثالثا : الإغراق
طالب لم ينجز واجباته المنزلية فبدل عقابه
بالضرب و الشتم على المدرس أن يغرقه بواجبات أخرى لينجزها في منزله مع التشديد على
توقيع أحد الوالدين على دفتر الانجازات ، و بالتالي يتم إشراك الوالدين في عملية
التعديل وقد يدفع خوف التلميذ من والديه إلى إنجاز واجباته .
ثالثا : الحجز الانفرادي
ومفاده منع الطفل المعقاب من الخروج للفسحة بين الحصص و إرغامه على
البقاء في قسمه مع تكليفه ببعض المهام
داخل الفصل ، كترتيب المكتبة.
رابعا : العمل التطوعي الجبري
لابد من أن تتناسب العقوبات مع الخطأ ، حينما
يخطئ الطالب في حق الجماعة ( جماعة الفصل ) فعليه أن يكفر عن ذلك بأداء خدمة لصالح
الجماعة ، كتنظيف القسم أو الساحة أو
القيام بعمليات في البستنة ..
خامسا : إنقاص علامات
تنقص نقاط من رصيد الطالب المعاقب على ان
يحتسب هذا النقص في نتائجه أو يكتب على نتيجته ملاحظات عن سلوكه المشين .
سادسا : لوحة الشرف و العار
توضع في ساحة المدرسة سبورة لوحات الشرف ،
حيث يكتب فيها اسم الطالب الذي قام بسلوكيات حسنة من أجل تشجيعه و تحفيز الاخرين ،
في المقابل يكتب على نفس السبورة أسماء التلاميذ الذي قاموا بسلوكيات مشينة ،
الشيء الذي سيدفع جميع الطلاب لتجنب كل ما سيؤدي بهم إلى التشهير .
سابعا : المحاكمة
يُستدعى والي الطالب المعاقب لإدارة المؤسسة
حيث يتم مساءلة الطالب أمام والده عن تصرفه المشين و ع مبرراته ، الامر الذي سيضعه أمام محاكمة مصغرة .
ثامنا : التعويض
يدفع الطالب المعاقب إلى تعويض ما أفسدته
يديه أو إصلاحه ، فمثلا من رمى أزبالا في
القسم يطالب بتنظيف القسم ، من كسر شجرة يؤمر بغرس غيرها...
تاسعا : ثمن المصالحة
حين يعتدي طالب على طالب اخر فعليه أن يعتذر
منه أمام الجميع مع ضرورة مطالبته بتقديم هدية أو شيء ما لقاء هذا الاعتداء .
عاشرا : التوقيف
يمكن للإدارة أن توقف طالبا مؤقتا عن الدراسة
بسبب تصرف مشين و عظيم ، كالاعتداء على أستاذه أو على اطر المؤسسة بألفاظ نابية .
حادي عشر : الطرد
قد يرتكب الطالب تصرفا لا يغتفر في حق مؤسسته
أو أحد أطرها كالاعتداء البدني ، في هذه الحالة قد لن تنفع التدابير أعلاه في معالجة الامر
فيكون طرد الطالب من المؤسسة خير عقاب له .
هذه بعض البدائل التربوية للعقاب البدني
نتمنى أن تكون قد أعطت فكرة عن إمكانية وجود بدائل كثيرة للعقاب البدني غير المجدي
، و الأهم هم أن يبتعد المعلم عن الضرب فقد يؤدي نفسه فقط وقد يضيع حياته بلا
نتيجة .
ليست هناك تعليقات