منهج مونتيسوري التعليمي - فوائد تربوية

اخر الاخبار

التعلم النشيط

منهج مونتيسوري التعليمي


" علينا أن نضبط اهتمامنا بالطفل، لن يكون هذا بالرغبة في جعله يتعلم الأشياء، بل بالسعي المتواصل لإبقاء ذلك الضوء متقدا داخله، ذلك الضوء الذي يُدعى الذكاء"
(ماريا مونتيسوري)
اللعب بمنهج مونتيسوري 

المونتيسوري هي طريقة ابتكرتها وقدمتها ماريا مونتيسوري، أول امرأة إيطالية تصبح طبيبة وتختص في مجال اعاقة الاطفال ، بعد سنوات من التعامل مع الاطفال من ذوي الاعاقة استطاعت أن تقدم لنا فلسفتها التربوية المميزة والمعروفة عالميا بمنهج مونتيسوري .
منهج مونتيسوري هو منهج تعليمي يعتمد على فلسفة تربوية تأخذ بمبدأ أن كل طفل يحمل في داخله الشخص الذي سيكون عليه في المستقبل، منهج يؤكد على ضرورة أن تهتم العملية التربوية بتنمية شخصية الطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية و العقلية و الروحية و الجسدية الحركية، لمساعدته على تطوير قدراته الإبداعية و القدرة على حل المشكلات و تنمية التفكير النقدي وقدرات إدارة الوقت وغير ذلك من الأمور .
من هي ماريا مونتيسوري ؟
ولدت ماريا مونتيسوري في بلدة كيارافالي بمقاطعة أنكونا وسط إيطاليا عام 1870 م وبعد معاناة مبكرة أصبحت أول امرأة في إيطاليا تتأهل كطبيبة ،  وكان أول أعمالها مع الأطفال المعاقين عقلياً، ثم درست أعمال الطبيبين جان إيتارد وإدوارد سيجوان اللذان اشتهرا بأعمالهما عن الأطفال المعاقين  ، تأثرت كذلك بأعمال جان جاك روسو ويوهان هاينرتش بستلوتزي وفريديك فروبل.
أسست ماريا مدرسة للمعاقين أسمتها أورتو فرينكا وعملت مديرة لها ومكثت سنتين في إدارة المدرسة وقد طبقت مبادئ سيجوان في تربية ذوي الإعاقات العقلية، حيث نجحت نجاحاً باهراً أدى بها إلى الاعتقاد بأن هناك أخطاء كبيرة في طرق وأساليب التربية المتبعة في تعليم العاديين من الأطفال فتعجبت قائلة:
       بينما كان الناس في منتهى الإعجاب بنجاح تلاميذي المعتوهين كنت في منتهى الدهشة والعجب لبقاء العاديين من الأطفال في ذلك المستوى الضعيف من التعليم" .
لذلك رأت ماريا ان الطرق التي نجحت مع المعاقين لو استعملت مع الأطفال العاديين لنجحت نجاحاً باهراً لهذا صممت أن تبحث الأمر وتدرسه من جميع الوجوه.
مميزات منهج منتيسوري :
يتميز منهج مونتيسوري التعليمي عن باقي البرامج المعروفة و المتداولة بعدة مميزات منها :
يعلم أو يلقن الأفراد كما المجموعات : في التدريس على طريقة مونتيسوري يقدم المعلم/المعلمة الدروس للأطفال بشكل منفرد و يكون بإمكان الأطفال الآخرين المراقبة في حال كانوا مهتمين .
ليس على الطفل أن يشارك في عمل غير مستعد له : تبقى الرغبة في التعلم هي المحرك الرئيسي لكل نشاط .
الأطفال يتعلمون من خلال العمل أكثر من الاستماع و التذكر : يتعلم الأطفال من خلال التدريب على أدوات تعليمية و هي تجسد المبادئ التي يجب على الطفل تعلمها أو إتقانها. فمثلاً عندما يتعرف الأطفال على الأشكال الهندسية كالمثلثات و المربعات و الدوائر، فهم يقومون بذلك من خلال الأشكال الحقيقية و يستخدمونها من خلال ابتكار التصاميم .
نظام المونتيسوري يقوم على حرية الاختيار و ليس على تحديد أوقات نشاطات معدة : بما أن كل شيء في بيئة مونتيسوري مصمم ليكون مفيدا وتعليميا، فإن الطفل حر في اختيار ما يناسب رغباته واهتماماته.
منهج مونتيسوري التعليمي منهج شامل  : فهو يعلم أكثر من مجرد الأساسيات حيث أنه يطور :
-         قدرة الطفل العقلية
-         قدرته في السيطرة على الحركة
-         استعمال الحواس  ( تطور الملاحظة )
-         التفكير ( تطور الإدراك)
-         العزيمة ( التطور الإرادي)
-         وعيه و إدراكه وسيطرته على عواطفه (التطور العاطفي)
-         القدرة على التمييز بين التصرف الحسن والتصرف السيء (التطور الأخلاقي)
-         آلية الحصول على الأصدقاء و أن يكون عضواً مساهماً في المجموعة (التطور الاجتماعي)
-         استعمال اللغة (تطور اللغة) .

مبادئ منهج مونتيسوري :
   يبنى التعلم في منهج مونتيسوري على مبادئ رئيسية، يكون الطفل فيها محور العملية لا المعلم:

* الاستقلالية: مساعدة الطفل على اكتساب قدر عالٍ من الاستقلالية وتنفيذ المهام بنفسه، (لا تساعد طفلا مطلقا في تنفيذ مهمة يشعر أنه قادر على النجاح فيها).

* حرية الاختيار: إتاحة الحرية للطفل وفق حدود واضحة، وثابتة، ومنطقية، تعزز نموه بطريقة إيجابية وتجعله مدركا لتبعات اختياراته، وبالتالي تنمّي لديه الانضباط الذاتي داخل بيئة الصف والبيئة الخارجية مستقبلا.

* الخيال: تحفيز نمو الخيال والإبداع خلال كل مرحلة من مراحل التعلم أمر رئيسي يُنفّذ من خلال الأنشطة ذات النهايات المفتوحة، والتي تحفّز الطفل لاستكشاف أفكار وعلاقات جديدة، وتؤسس للابتكار والتعبير عن الذات.

* الاكتشاف: يبرز هنا الفرق بين منهجية مونتيسوري في التعليم وغيرها، فهو يتيح للأطفال فرصة اكتشاف الإجابات بأنفسهم، ويعزز لديهم مهارات حل المشكلات ذاتيا.

* التعليم العملي: إحدى ضروريات منهج مونتيسوري، وهو التعليم العملي الذي يُفعِّل استخدام الجسد والعقل والحواس ليتحول التعلم إلى نشاط فعال.

* تجهيز البيئة: يلائم مراحل نمو الطفل جسديا وعقليا واجتماعيا وعاطفيا ويلبي احتياجاته في كل مرحلة.

* الاحترام: أساس مهم في منهجية مونتيسوري، احترام قدراته النمائية التي تدفعه لخوض تجارب مختلفة، ومعاملته كشخص متفرد ومستقل، وتحفيزه لاحترام الأشخاص والأشياء في محيطه والعلاقة بينهم، وهذا يؤسس للوعي بتعقيد الوجود البشري.
مراحل النمو حسب منهج مونتيسوري :
اهتمت ماريا مونتيسوري  بثلاثة أشياء محورية في منهجها و هي صحة الأطفال و تربيتهم الخلقية و نشاطهم الجسماني. وهكذا قسمت عملية التنمية البشرية للإنسان إلى أربع مراحل أساسية، تمتد من عمر الولادة و حتى عمر 24 عاما، و قد وضعت لكل مرحلة رؤية خاصة للخصائص و طرق التعلم و الأنشطة الضرورية.
المرحلة 1 : من عمر الولادة حتى 6 سنوات
شددت مونتيسوري على أهمية السنوات الست الأولى من حياة الطفل ، فهذه الفترة من حياة الطفل تتميز – حسب مونتيسوري – بكونها الفترة التي يتأقلم فيها الطفل مع من حوله، و تنقسم هذه السنوات إلى 3 مراحل و هي :
أ – مرحلة العقل المستوعب : حيث يتأثر الطفل بالبيئة المحيطة به وتشكل أساس تعلمه في المستقبل.
ب – الفترات الحساسة : تتميز بتكرار الطفل لأنشطة معينة حتى يتقنها.
ج – فترة الوعي الكامل : يطبق الطفل بوعي كامل ما سبق و اكتسبه من معرفة و مهارات.
وهكذا ترى مونتيسوري أن كل مشكلة عند الطفل هي بسبب المعاملة الخاطئة التي يتلقاها من الكبار، كالطفل الذي لم يتعوّد على الاستقلالية بحيث تنوب عنه المربية أو الأم في القيام بالعمل.
و في هذه المرحلة، لاحظت الدكتورة مونتيسوري أن الأطفال يميلون للاكتشاف و تنمية قدراتهم النفسية والجسدية، وعن أهم القدرات التي يجب أن تركز أنشطة مونتيسوري على تطويرها في هذه المرحلة نذكر مهارات اللغة و النظام و صقل الحواس و التركيز على السلوك الاجتماعي و تبني أهداف صغيرة.
المرحلة 2 : من عمر 6 سنوات حتى 12 سنة
في هذه المرحلة، لاحظت مونتيسوري العديد من التغيرات النفسية و الجسدية على الأطفال وقد طورت بيئة الفصول و المواد الدراسية والمواد الطبيعية بما يتناسب مع هذه التغيرات، و من الصفات التي لوحظ تطورها في هذه المرحلة : الميل إلى العمل في مجموعات و تطور الخيال و الحس الأخلاقي و التنظيم الاجتماعي و القدرات الإبداعية و تشكيل الاستقلال الفكري.
المرحلة 3 : من عمر 12 حتى 18 سنة
وهي بالأساس مرحلة المراهقة، وقد لاحظت مونتيسوري أن هذه المرحلة تتميز بتغيرات جسدية مرتبطة بعمر البلوغ و ما يرافقها من تغيرات نفسية، و لهذا فالأنشطة يجب أن تراعي خصوصيات هذه المرحلة كعدم الاستقرار النفسي و عدم التركيز في هذا العمر و نمو شعور الكرامة و الاعتزاز بالنفس، و هذه المرحلة هي مرحلة بناء الذات – حسب مونتيسوري دائما – .
المرحلة 4 : من عمر 18 حتى 24 سنة
وهي مرحلة النضوج بالأساس، ولم تطور مونتيسوري أنشطة تعليمية لهذه المرحلة، لكنها اعتمدت منهجا للتنمية الذاتية لأشخاص نضجوا في ظل فلسفة مونتيسوري .

منهج مونتيسوري التعليمي الأصلي ( الجوهر ) بمثابة العمود الفقري لأي طريقة تستلهم مبادئه و فلسفته، يكفي فقط إدخال التغييرات المناسبة ( كاستعمال الحاسوب و تعديل تمارين الحياة العملية لجعلها متماشية مع الثقافة ) لجعل التعليم مناسبا للبيئة و المحيط الذي لا محالة يفرض نفسه في العملية التعليمية. وعلى العموم فأفكار مونتيسوري مازالت تثبت جدارتها لأن مراحل التطور الإنساني لم تتغير. أضف إلى ذلك أن الأبحاث المعاصرة تؤكد و تكرر ما قالته مونتيسوري – منذ سنوات خلت – في مجال تعليم الأطفال..

ليست هناك تعليقات