صباغة جذران القسم ، هل تتم وفق دراسة نفسية أم بعشوائية ؟ - فوائد تربوية

اخر الاخبار

التعلم النشيط

صباغة جذران القسم ، هل تتم وفق دراسة نفسية أم بعشوائية ؟


صباغة جذران الفصل الدراسي لا يجب أن تتم بعشوائية ، بل هي عملية يجب أن تخضع لمراقبة من ذوي الاختصاص في المجال النفسي السلوكي ، وذلك لما لتأثير الالوان عامة وألوان الجذران على نفسية المتعلم ، فلون ما يمكن أن يشكل حافزا على التعلم ، أو مثبطا له . كما أن جميع ما يكون في الفصل الدراسي من زخرفات و ديكورات قد تؤثر بشكل كبير على انتباه و تركيز المتعلم ، لذا فإن الخبراء في المجال التربوي و التعليمي يحذرون من الافراط في زخرفة الاقسام بشكل يكون عائقا للتعلم .

تأثير الألوان على الحالة النفسية للتلاميذ .
ما بين الحالة النفسية للإنسان والألوان، ثمة علاقة قوية، أكد ذلك غير واحد من كبار علماء النفس من خلال أبحاث ودراسات أكاديمية، من أهمها ما كتبه د.ألكسندر شاوس مُدير المعهد الأمريكي للبحوث الحيوية الاجتماعية، حول تداخل الطاقة اللونية/الضوئية مع الغدتين النخامية والصنوبرية، ومن ثم إفراز هرمونات بعينها، تقوم بإحداث مجموعة من العمليات الفسيولوجية التي تسيطر على الحالة المزاجية والسلوكية، وما كتبه العالم الصيني فينج شوي fang shui، حول كيفية اختيار اللون المُناسب لإحداث تغيير في الحالة المزاجية على نحو إيجابي، وذلك من خلال بحثه القيم «لوَّن حياتك»، وكذا ما كتبه عالم النفس د.غاديلي، حول أهمية استخدام الألوان في الحد من الظواهر النفسية السيئة، التي يعاني منها كثير من الأطفال والصبية، خاصة ظاهرة التنمر المدرسي.. وكانت أبحاث حديثة قد أفضت نتائجها إلى «أن الاستخدام الصحيح للألوان، يُمكن أن يزيد من التركيز والنشاط والقدرة على التعلم والفهم والتذكر بنحو55إلى78%».

وكيف نستخدم الألوان على نحو صحيح لتعزيز الحس الجمالي، والحفاظ على الاستقرار النفسي في المدارس..؟ وماهي الألوان الأنــسب لدهــان حُجرات الدراسة ؟

إن اختيار الألوان المُناسبة، في دهان جدران وأسقف الحُجرات الدراسية، من الأمور الهامة والتي يجب ألا يُستهان بها على الإطلاق، فقد تبيَّن أن اللون البرتقالي، الذي يُقصد به لون فاكهة البرتقال اللامع، من أكثر الألوان التي تبعث في نفوس التلاميذ ــ بوجه عام ــ الإحساس بالنشاط والحيوية، يقول د. الفريد بانكوم، «إن البرتقالي يُحفِّز النشاط العقلي، ويُدخِل شعور الحماسة في تنوُّع الأفكار بين التلاميذ، ومن ثم الوصول إلى الإبداع، وهو مُعالج جيَّد للاكتئاب، ويُعطي إحساسًا برضا النفس، وزيادة الثقة. ولكون العام الدراسي يأتي دائمــًا مواكبــًا لفصل الشتاء، فإنه يمنح التلاميذ داخل فصولهم شعورًا بالدفء، إلاَّ أن التلاميذ الذين لديهم نزعة للعُنف والعدوانية، لا ينفع معهم هذا اللون، الذي تبيَّن أنه من الألوان عالية الطاقة، التي يصدر عنها ذبذبات تُزيد من حركة ونشاط الخلايا، ومن ثم جاءت النصيحة العِلمية بألا يرتدي الأطفال ذوو الاتجاهات التنمُّرية، الملابس ذات اللون البرتقالي، وكذا الجلوس لفترات طويلة في  حُجرات مطلية بهذا اللون، بينما ينفعهم كثيرًا ارتداء الملابس ذات اللون الوردي (البمبي)، والجلوس لفترات طويلة في حُجرات طُليت جُدرانها بهذا اللون، الذي ثبت «أن له تأثيرًا مُلطِّفًا على الجسم، ويعمل على ارتخاء العضلات، وأنه مُهدئ جيد للأطفال العدوانيين، الذين يميلون للعُنف مع أقرانهم»، وقد أفضت نتائج أبحاث أُجريَت في هذا الشأن، إلى «أن الأشخاص الذين يُعانون من التأثيرات المؤلمة، الناتجة عن التوقُّف المُفاجئ عن تعاطي المُخدرات، يُمكن أن يستفيدوا من الألوان الوردية المُحيطة بهم، وينطبق ذلك على الأشخاص الذين يُعانون من الأرق»، ولكونه يبعث على الانسجام وتلطيف الأحاسيس، فإنه يُمثل اللون المثالي لدهان قاعات الاجتماعات في المدارس.

وقريبــًا من المؤثرات النفسية للون الوردي، يأتي اللون الأزرق، والذي تتراوح درجاته ما بين لون البحر الغامق، ولون السماء الفاتح في يوم صاف، حيث أكَّدت الدراسات أهمية هذا اللون في الإيحاء بالهدوء والاسترخاء، والحد من التوترات العصبية، وفي تجربة عملية تم وضع مجموعة من الأطفال، الذين يتَّسمون بالعدوانية، في صف دراسي أزرق، مع وضع مصابيح إضاءة عادية، وكانت النتائج مُدهشة حيث بدأ الهدوء النسبي يتسلل إلى نفوس الأطفال، وانخفض مُعدَّل العدوانية بشكل ملحوظ في غضون ثلاثة أسابيع، وأفضل درجات الأزرق تأثيرًا ما تتجه إلى الفواتح، وتبعد عن الغوامق.. وبالفِطرة نجد الأشخاص الذين يُعانون من ضغوط وحالات قلق، يلجؤون لاستنشاق هواء البحر، وبالفعل تتحسَّن نفسيتهم، والسبب الحقيقي لذلك هو أن حركة أمواج البحر بالإضافة إلى لونه الأزرق، تُساعد على تفريغ الطاقة السلبية والامتلاء بأُخرى إيجابية، كما يُفيد التأمُّل في السماء الزرقاء الصافية، أو وضع صورة على الجدار لالتقاء البحر بالسماء، حيث تزيد الاسترخاء والراحة النفسية.


أمــَّا اللون الأصفر، والذي يتراوح بين لون الأوراق الساقطة في فصل الخريف ذات اللون الغامق، ولون ثِمار الليمون ذات اللون الفاتح اللامع، فهو يُصنَّف ضِمن أشد الألوان إيقاعــًا في الذاكرة، فكُلَّما أردت أن تتذكر شيئــًا، فاكتبه على ورقة صفراء.. وبحسب فريديك يورتال، فإن «هذا اللون، الذي يرتبط بأشعة الشمس، يولِّد طاقة تعمل على زيادة مشاعر الفرح والسعادة، كما أنه يُساهم في تنشيط العقل، ويُنصَح لمن لديهم توترات عصبية وقلق، بارتداء الملابس ذات اللون الأصفر، وكذا الجلوس في حُجرات مطلية بهذا اللون أثناء المُذاكرة وتحصيل الدروس، لأهمية ذاك في تحفيز الإبداع، وتصفية الذِهن.. إن هذا اللون تُحمَل طاقته الشعاعية، عبر التيَّارات المغناطيسية الموجبة التي تتنفسها، والتي تصل إلى الجهاز الليمفاوي، فتحدِث الأثر النفسي والعلاجي».

واللون الأخضر، الذي يتراوح بين شجرة الصنوبر ذات اللون الغامق، والحشائش ذات اللون الفاتح اللامع، فهو من منظور الطب النفسي، مُهدئ للأعصاب، ويُدخِل الأمل على الإنسان، ولكونه مُرتبط بالأماكن الواسعة والخضرة والنباتات، فهو وثيق الصِلة بالنماء والإقبال على الحياة، ورؤيته في الطبيعة أفضل بكثير من رؤيته على الحوائط والأسقف، لذا يُفضل توسيع نطاق الأماكن المزروعة بالنباتات والحشائش في المدرسة، والمناطق المحيطة بها، فهذا لا يُفيد التلاميذ نفسيــًا وكفى، ولكن أيضًا يُفيدهم بدنيــًا وصِحيــًا، بتنظيف البيئة من المُلوِّثات والعوالق المُختلفة.. وفي كتابه «العلاج بالألوان»، يقول عالم النفس د. فريلنينج: "إن المزج بين اللونين الأخضر والأصفر، مع إضاءة خفيفة، يبعث في الجسم وهجًا من الطاقة، التي تعمل على التخفيف من تأثير الضوضاء، والأصوات المُتداخِلة، إلى جانب ذلك يعمل على ضبط إيقاع ضربات القلب، ويُساعد على تحسين الدورة الدموية ".
أمــَّا اللون الأحمر، فهو غير مُناسب على الإطلاق في دهان جُدران وأسقف الحجرات الدراسية، كونه يدفع النفس إلى العدوانية والغطرسة، وكانت دراسة علمية حديثة قد أشارت إلى أن «الذين يُعانون من عيوب في الحركات التنسيقية، يُفضَّل عدم جلوسهم في حُجرات ذات ديكور أحمر، أو يرتدون ملابس ذات لون أحمر. ويجب أن يكون استخدام اللون الأحمر في المدارس، خاصة في مراحل التعليم الأولى، على نطاق ضيِّق، وللدلالة على مناطق يُحظر الاقتراب منها، خاصة أنه مُرتبط في أذهان الأطفال، بخطر عبور المُشاة في الطُرق العامة، وهو يُصنَّف على رأس الألوان العالية الطاقة، حيث يصدر عنه في وجود مصدر ضوئي تيَّارات كهرومغناطيسية تؤدِّي إلى زيادة حركة ونشاط الخلايا وتسارع دقَّات القلب، وعند كثير من الأطفال يؤدِّي إلى التوتر والقلق.

وإذا كانت الألوان لها تأثير على من يرونها، فقد ثبت أن تأثيرها مُمتد حتى عند فاقدي البصر، فإذا كانوا لا يرون الألوان، فإن ما يصدر عنها من طاقة إشعاعية تتسلل إلى أجسامهم، وتصل إلى الغُدد المُختلفة التي تتحكَّم في الحالة المزاجية والصحية للإنسان، حتى ولو كان الشخص كفيفـــًا.

ليست هناك تعليقات